عش و دع الآخرين يعيشون
ردا على أحدث الاحتجاجات المتعصبة في فضاء التدوين السوري ضد المثلية الجنسية
لم أتخيل قط أن يوما سيأتي أضطر فيه للوقوف و القتال في سبيل حق المثليين الجنسيين في أن يكونوا ما اختاروا كونه. أنا لا أوافق على نظرتهم للحياة، و لا اتفق مع ما يفضلونه، ولا أفهم تماما خيارهم و لكن هذا أقصى ما يمكنني الوصول إليه. و لا يجب أن يعميني رأيي و ميولي الشخصية عن وجودهم و علي أن أخرس و التزم بحرية خيارهم.
كيف يمكننا أن نوقف أنفسنا من أن نقمع كل أشكال عدم الانسجام؟ هل يجب علينا أن نبدأ بتطهير مجتمعنا (كما لو أنه كان نظيفا بالأساس) من المثليين الجنسيين و أن نتابع القائمة بلا هوادة؟ دعونا نوضح هوية الأهداف (الضحايا) اللاحقة لهذه الحملة الأخلاقية.
الملحدون، الزناة، شاربو الكحول ، النساء غير المحجبات، الرجال غير الملتحين، العشاق، مرتادو النوادي الليلية، المتسكعون على الشواطئ، الفتيات المثيرات، الفنانون، الشعراء، الشيوعيون، الكتاب غير الوقورين، الناس ذوي الشكل المختلف... المدونون الأحرار. للأسف فالقائمة طويلة جدا و شاملة للجميع.
أين ينوي هؤلاء البلهاء أن يتوقفوا؟
ما الذي سيفعلونه بمن لا ينسجم معهم؟ دع الأمر لهؤلاء المنافقين دينياً و سيقومون باستبدالنا بمجموعة من المتعصبين مغسولي الدماغ، المتعففين بحماسة، الحمقى بورع، الصليبيين بإيمان، الآليين بتقوى، و الدعاة الإلهيين الذين سيعلمون من تبقى منا كيف يعيشون. ما علينا فعله و ما علينا الامتناع عن قوله. كيف نغض بصرنا و كيف لا نضحك. لماذا نموت و لم علينا أن نعيش حياة زهد وصولا للقبر.
شكراً و لكن لا شكراً. المتشددون و الأصوليون و المنافقون و المتعصبون و التابعون لم يتركوا لي أي خيار سوى الدفاع عن سوريا متعددة الأوجه و حماية حريتي الشخصية بالاختيار.
عش و دع الآخرين يعيشون
في تشرين ثاني 2008 كتبت عن المرتعشين العلمانيين و الحمى الدينية و قد كنت ملاماً إلى حد مالأني نظرت إلى مجتمع المدونين السوري بالأبيض و الأسود، كيف تعجبكم تلك الألوان اليوم؟
